نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المفاوضات ما زالت متعثرة ما بين روسيا وأوكرانيا.. لكن قد تنجح, اليوم السبت 21 يونيو 2025 11:18 مساءً
هناك لغط كبير حول مصير المفاوضات الروسية - الأوكرانية بشأن إنهاء الحرب الدائرة بينهما. كلا الطرفين لا يريدان استمرار القتال. لكن المعضلة هي أن كلا منهما غير قادر على وقف إطلاق النار في ظل الظروف الحالية. ومعنى هذا أن كلا من روسيا وأوكرانيا يرى أن هناك فرصة له لكسب المعارك. لكن هذا الرهان الاستراتيجي يجب أن يأخذ في الحسبان النتائج الاستراتيجية التي تحققت منذ بدء الحرب في فبراير 2022 إلى الآن. من الواضح أن روسيا هي الرابحة لأنها تمتلك أراضي شاسعة من أوكرانيا، ولن تنجح أي مفاوضات سلام ما بين أوكرانيا وروسيا في أن تستعيد أوكرانيا هده الأراضي. هذا بالإضافة إلى التفوق الروسي الملحوظ في مجال العتاد العسكري والأفراد المجندين واستخدام التكنولوجيا الحديثة في القتال، وأيضا وجود عدد كبير من الدول التي تأخذ صف روسيا.
لكن استمرار الحرب هو أمر مخيب للرئيس دونالد ترامب، الذي كان يريد أن يتوقف القتال قبل أن يستهل فترة رئاسته الثانية. لكن لم ينجح مبعوث الرئيس ترامب السيد ستيف ويتكوف في وقف إطلاق النار. كما أن المحادثات التليفونية ما بين الرئيسين ترامب وبوتين لم تفلح في وقف إطلاق النار.
وكل تلك التطورات تطرح عدة أسئلة عن مصير الحرب ما بين روسيا وأوكرانيا. هل سيتوقف القتال بعد فترة زمنية محدودة، وهل عدم إيقاف القتال الآن سوف يسبب قطيعة في العلاقات الأمريكية - الروسية. كل هذه التساؤلات لها مصداقيتها وتسترعي الانتباه والدرس والبحث.
لكن يجب تحليل المشكلة أولا بالقول إن هناك أخطاء عديدة شابت محاولات البحث عن حل لحرب روسيا وأوكرانيا. أول تلك العوامل هو أن تلك الحرب كان من المفترض ألا تحدث في المقام الأول. لقد أخطأت الإدارات الأمريكية السابقة وبالذات إدارة أوباما وإدارة بايدن في محاولة معاداة روسيا. كان هناك تصور استراتيجي غلط من أن هناك عداوة تاريخية ما بين روسيا والغرب، وأن نهاية الشيوعية وانهيار الاتحاد السوفييتي لم يكن إلا مرحلة مؤقتة سوف تختفي سريعا، وأن تلك العداوة سوف تكون الشكل والنمط الذي سوف يسود علاقات موسكو مع الغرب بصفة عامة، والولايات المتحدة بصفة خاصة. كانت هناك محاولات ليس فقط لاحتواء روسيا كدولة قومية لها مصالح معينة وهدف قومي محدد، بل كان هذا الاتجاه العدائي تجاه جمهورية روسيا الاتحادية يسعى جاهدا لعزل روسيا. وهذا بدوره يطرح سؤالا مهما: إذا كانت محاولة الغرب هي عزل روسيا، كيف للسياسة الغربية بصفة عامة والسياسة الأمريكية بصفة خاصة أن تنجح في حل مشاكل إقليمية كثيرة مثل التعامل مع إيران أو حل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني وغيرها من القضايا الشائكة التي تهدد سلامة العالم واستقراره، وتحتاج مساهمة من روسيا؟
الأمر السخيف هو أن محاولة عزل روسيا سواء عن طريق منعها من تحقيق أهداف سياستها الخارجية أو عن طريق جرها إلى حرب مع أوكرانيا لم تنجح في الماضي، ولن تنجح في الحاضر أو في المستقبل. إن هناك شعورا داخل العديد من الدول النامية والصغيرة والتي يمكن تسميتها بدول الجنوب والتي تشعر بأن روسيا قد تعرضت للغبن وأنه كانت هناك محاولات مستميتة من قبل الغرب لإغراقها في المستنقع الأوكراني. وأصبحت الأمور أكثر تعقيدا عندما فرضت إدارة بايدن ودول الاتحاد الأوروبي ودول حلف شمال الأطلسي عقوبات اقتصادية على روسيا جراء حربها ضد أوكرانيا. وهذه سياسة ليست فقط تعقد الأمور بل تدعو إلى الدهشة والاستغراب لأنه كيف يمكن الحديث عن العولمة كمفهوم وكسياسة تسمح بالتبادل السريع للسلع والمعلومات والأفراد وجزء كبير من مساحة الكرة الأرضية والذي تشغله روسيا مقطوع عن العالم ومعاقب من قبل العديد من الدول المتقدمة فيه.
كما أن هناك أمرا آخر يسترعي الانتباه. يحاول الغرب تصوير بوتين على أنه قاتل ودكتاتور ورئيس لا يحترم الديموقراطية أو سيادة الدول على أراضيها. وهذا يمثل تناقضا لأنه إذا كان الرئيس بوتين بهذه الوحشية، لماذا تحاول دول أوروبا والولايات المتحدة الثقة فيه مرة أخرى حتى يوقف الحرب ضد أوكرانيا ويقيم علاقات سلام وتجاور مسالم مع أوكرانيا وكل الدول التي تجاور روسيا. كيف يعادي الغرب بوتين ثم يحاول أن يثق فيه مرة أخرى لتحقيق السلام والاستقرار؟
حتى الآن لا يستطيع الغرب تقديم أي مبرر لماذا بدأت الحرب الروسية - الأوكرانية، ولا يقدم أي دليل على نواياه الحسنة بشأن انتهاء هذه الحرب. ولو استمرت المفاوضات ما بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء الحرب، هل يستطيع الغرب إخراج روسيا من مجموعة «البريكس،» أو تقليل التعاون ما بين روسيا والصين. وكيف سيتم رفع العقوبات المفروضة على روسيا اقتصاديا، وهل ستعيد روسيا تصدير النفط والغاز إلى عدة دول أوربية مرة أخرى، كما كان العهد من قبل. إن هناك دولا مثل تركيا والإمارات اللتين تستفيدان من تغير مسار التجارة الروسية والتي كانت تتجه عبر أوروبا، إلى مسارات نحو الخليج ومنطقة شرق البحر المتوسط. فهل تنجح مفاوضات السلام الروسية - الأوكرانية في إعادة طرق التجارة الروسية القديمة لو توقفت الحرب ما بين موسكو وكييف؟
المشكلة أنه في المفاوضات الروسية - الأوكرانية لوقف القتال وإحلال السلام بينهما، لا توجد خطة عمل أو جدول زمني أو حتى حد أدنى من المطالب لتنفيذ اتفاق واقعي وعملي وطويل الأمد لوقف إطلاق النار. الأمر الوحيد الذي نجحت فيه مفاوضات السلام الروسية - الأوكرانية هو موضوع تبادل الأسرى. لكن هذا تقدم طفيف للغاية ولا يغير من ظروف وأحوال وعوامل استمرار القتال بين موسكو وكييف.
والأمر الأكثر عجبا هو أن الغرب وبالذات دول الاتحاد الأوروبي تهدد بمزيد من العقوبات الاقتصادية ضد روسيا، وفي الوقت نفسه تؤيد المفاوضات الدائرة حاليا والتي تحاول وقف القتال في الحرب الروسية - الأوكرانية. لو كانت هناك عقوبات على روسيا تتزايد، فإن موافقة موسكو على وقف إطلاق النار في حربها ضد أوكرانيا لن يكون موضوعا واردا. المفاوضات الروسية - الأوكرانية سوف تستمر لأن الرئيس ترامب لا يريد لها أن تنتهي. كما أن روسيا حققت انتصارات عسكرية ضد أوكرانيا يجب على الغرب أن يعترف بها. لا يمكن التكهن حتى هذه اللحظة من الزمن بمصير ومستقبل المفاوضات الروسية - الأوكرانية. لكن الأمر المهم هو أن كلا من الرئيسين ترامب وبوتين يعطيان المفاوضات فرصة لأن تستمر وأن تسفر عن تقدم حقيقي. زيلينسكي لا يتصرف بحكمة، وكل أفعاله وسياساته يناقض بعضها بعضا.
ربما لو أعلنت أوكرانيا أنها لن تنضم إلى أي تنظيم أو أي تحالف أمني غربي يهدد أمن وسلامة روسيا، فإن هذا سوف يعطي قوة دفع كبيرة لوقف إطلاق النار والإعلان عن هدنة طويلة الأجل ما بين موسكو وكييف. ولو تضمنت المفاوضات العلاقات الاقتصادية والثقافية ما بين البلدين، ربما يمهد هذا إلى تسهيل الحل السياسي الذي يمكن بمقتضاه توقيع اتفاق سلام ما بين روسيا وأوكرانيا.
0 تعليق