الاستراتيجيات الذكية التي جعلت من "لابوبو" ظاهرة عالمية

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الاستراتيجيات الذكية التي جعلت من "لابوبو" ظاهرة عالمية, اليوم الاثنين 23 يونيو 2025 01:05 صباحاً

تخيل متعة فتح هدية غامضة، يتسارع نبضك، وترتجف يديك من الإثارة وأنت تفتح الغلاف. هذا بالضبط ما يثير الإدمان في بوب مارت مع ألعابها ذات العلب الغامضة. ولكن كيف أشعلت هذه الألعاب الصغيرة الغامضة هوسا عالميا، ودفعت الشباب وهواة الاقتناء إلى إنفاق المال طواعية لمجرد المفاجأة؟

في عالم المقتنيات المتسارع، قلّما استحوذت ظاهرة على القلوب والمال مثل موجة الإثارة التي أحدثتها اكسسوارات حقائب "لابوبو"، وهي جزء من مجموعة خيالية لفريق عمل أوسع يعرف باسم "الوحوش" والتي أنشأها الرسام الهولندي المولد من هونغ كونغ كاسينج لونج مؤخرا. هذه المخلوقات الغريبة، ذات الطابع الشقي ظهرت فجأة، لتزين الحقائب والمكاتب وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي عالميا. لكن هذه ليست مجرد ضربة حظ؛ إنها دراسة حالة ذكية وتكاملية في مجال التسويق الفيروسي الحديث، نفذتها شركة بوب مارت مستفيدة من مزيج من علم نفس المستهلك، والمشاركة المجتمعية، والتأثير الثقافي، حيث استطاعت تحويل لعبة مميزة إلى قطعة عالمية قابلة للاقتناء، محققة أرباحا بالملايين في وقت قياسي.

قدّم كاسينغ لونغ، الرسام ومصمم الألعاب الشهير لابوبو لأول مرة في سلسلة كتبه المستوحاة من الأساطير الإسكندنافية عام 2015م ثلاثية الوحوش، ووصفها بوب مارت، عملاق البيع بالتجزئة الصيني الذي يبيع الدمى، بأنه "مخلوق قزم" طيب القلب بأذنيه المدببتين وابتسامته المرحة وتعابير وجهه الذي غالبا ما تبدو عليه بعض الحيرة، يعيش في عالم خيالي مليء بمخلوقات فريدة أخرى ويريد المساعدة دائما، لكنه غالبا ما يحقق العكس عن طريق الخطأ.

دخلت لابوبو عالم الفينيل عام 2019م عندما رخصت بوب مارت شخصيات لونج في علب "العلب العمياء" وهي علب مغلقة تخفي تصميم اللعبة بداخلها.

تباع هذه العلب الغامضة بسعر يتراوح بين 20 - 30 دولارا أمريكيا، وخلقت تجربة شيقة للبحث عن الكنز. وتحظى الإصدارات السرية النادرة للغاية بإقبال كبير، حيث تبلغ احتمالية العثور عليها 1 من 72 ومنذ ذلك الحين، توافد الكثير حول العالم على مواقع التواصل الاجتماعي بنشر تجارب فتح هذه العلب.

واستخدم هاشتاق #labubu لما يقارب من مليوني منشور عالميا وفقا لتحليلات منصة تيك توك.

ازدادت شعبية لابوبو بشكل كبير بعد أن شوهدت ليزا، عضوة فرقة بلاك بينك الكورية وهي تحمل واحدة منها، وتحدثت عن شغفها بها في مقابلات ومنشورات على الانترنت، وسرعان ما تبعتها مغنية البوب الأمريكية الشهيرة ريهانا مرتدية اكسسوارات دمى لابوبو كأحدث صيحات الموضة. حتى إن الدمى ظهرت بشكل مفاجئ في أسبوع الموضة في باريس.

لابوبو ليس أول - ولا آخر - منتج انتشر على نطاق واسع وأثار هستيريا جماعية. هذه الظاهرة تحاكي هوس كوب ستانلي، الذي شهد بدوره طوابير وشجارات وسرقات لأكواب الشرب القابلة لإعادة الاستخدام. ومثل محبي ستانلي يواجه مشترو لابوبو الآن انتقادات بسبب الإفراط الملحوظ في الاستهلاك.

ومع ذلك وعلى الرغم من الانتقادات، يصعب تجاهل الأرقام. ووفقا لشبكة إن بي سي نيوز، أصبحت سلسلة ذا مونستر "الوحوش" الآن أكثر امتيازات بوب مارت مبيعا، حيث بلغت مبيعاتها 419 مليون دولار العام الماضي. وارتفعت إيرادات بوب مارت في الصين القارية وحدها إلى 1.09 مليار دولار، وارتفع إجمالي أرباحها عالميا بأكثر من 125%.

ولكن ما هي الأدوات والاستراتيجيات التسويقية التي جعلت من لابوبو ظاهرة عالمية؟

استخدمت بوب مارت استراتيجيات ذكية لتحقيق انتشار واسع وسريع: قوة العلب المجهولة وندرة هذه السلاسل: يعتمد نموذج التوزيع الأساسي لسلاسل مفاتيح لابوبو بشكل كبير على مفهوم العلب العمياء. تحتوي كل علبة على شخصية عشوائية من سلسلة متعددة، مع إثارة المجهول وإمكانية وجود شخصيات نادرة "سرية" أو "مرغوبة" تعزز إقبال الناس على اقتنائها. وهذا يغذي الرغبة الفطرية لدى الإنسان في المفاجأة وإثارة البحث. كما أن ندرة بعض التصاميم تثير جنون السوق الثانوية، حيث تُباع هذه القلادات التي يبلغ سعرها 28 دولارا أمريكيا في كثير من الأحيان بأكثر من 1000 دولار أمريكي على مواقع إعادة البيع، مما يعزز رواجها وشعبيتها على وسائل التواصل الاجتماعي.

جاذبية بصرية وإمكانية نشرها على مواقع التواصل: تصميم لابوبو المميز سهل المشاركة بطبيعته. فتعابيرها الفريدة وألوانها النابضة بالحياة وتنوع شخصياتها يجعلها جذابة بصريا في الصور والفيديوهات. يعرض هواة جمع المقتنيات بفخر غنائمهم، ويتاجرون بالنسخ المكررة، ويبتكرون محتوى شيقا حول ما يجدونه في لابوبو. هذا المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، يمثل تسويقا شفهيا قويا، يتجاوز بكثير الإعلانات التقليدية.

تعاونات استراتيجية وإصدارات محدودة: تعاونت العلامة التجارية بذكاء مع فنانين وعلامات تجارية مختلفة وأصدرت إصدارات محدودة من لابوبو، وأحدثت هذه التعاونات ضجة إعلامية بين جماهيرها الحالية وجذبت جماهير جديدة. وأدت حصرية الإصدارات إلى تحفيز الطلب الفوري والتشجيع على اتخاذ قرارات شراء سريعة، فقوة الخوف من فوات الفرصة لا حدود لها.

تيك توك وثقافة المؤثرين: بفضل طابعها البصري الجذاب، شكّلت سلاسل مفاتيح لابوبو خيارا مثاليا لمنصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك. فبدأ المقتنون الأوائل والمؤثرون في قطاعي الألعاب والأزياء والموضة بعرض فيديوهات فتح الصناديق المجهولة ومجموعاتهم التي اقتنوها. وقد ساهمت القدرة الخوارزمية على تضخيم المحتوى الجذاب في نشر شغف لابوبو بسرعة بين جمهور أوسع، مما أحدث تأثيرا متسارعا.

الارتباط العاطفي والتواصل: على الرغم من مسماه "الوحش"، يتمتع لابوبو ورفاقه بسحر خاص وتواصل وثيق. وجوههم، التي غالبا ما تكون معبرة، تعكس مجموعة من المشاعر الإنسانية، مما يسمح لهواة الجمع بتجسيد مشاعرهم الخاصة على هذه الشخصيات. هذا الارتباط العاطفي يعزز شعورا أعمق بالارتباط، ويشجع الأفراد على الاستثمار في بناء مجموعاتهم.

ختاما، لم يقتصر النجاح الهائل لسلاسل مفاتيح لابوبو على الألعاب اللطيفة فحسب، بل يُعدّ درسا متقنا في توظيف مبادئ التسويق الرئيسية في العصر الرقمي. كما يمثل تذكيرا قيّما للمسوقين في مختلف القطاعات: فهم رغبات جمهورك، وخلق تجارب قابلة للمشاركة، والاستفادة من قوة التفاعل لتحقيق نتائج باهرة. فمن خلال الجمع بين إثارة العلب المجهولة والتصاميم الجذابة بصريا، والتعاون الاستراتيجي، وقوة وسائل التواصل الاجتماعي، وخلق شخصيات مألوفة، استغلت لابوبو تركيبة فعّالة للنمو الفيروسي، وأسست مجتمعا عالميا شغوفا.

وسواء كنت مهتما بالفن أو الدعاية أو البحث، فقد أصبحت لابوبو مرآة لثقافة الاستهلاك الحديثة: صغيرة في حجمها كبيرة في تأثيرها.

HIJAZMUSLEH@

أخبار ذات صلة

0 تعليق