نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
منجي على بدر يكتب: مصر والمدن الذكية بين الماضي والحاضر, اليوم الأحد 12 يناير 2025 08:41 صباحاً
بدأت حكاية المدن الذكية في مصر منذ قرون، حيث أبهرت الحضارة الفرعونية، بمعابدها ومبانيها وعلومها في مجال البناء والفلك والهندسة، العالم أجمع وقامت بتشييد المعابد والأهرامات وغيرها، بما يماثل المدن الذكية التي تعتمد على العلم بمختلف مجالاته، واختتمت مصر عظمة المباني والمدن خلال حكم أسرة محمد علي باشا.
وجاءت ثورة 23 يوليو 1952 بمشروع تنموي يعتمد على الزراعة والصناعة وتطوير وعي المواطن، وتوفير فرص عمل مع تشريعات تحدد الإيجار دون تحديد مدد زمنية، ما أدى لخروج القطاع الخاص من النشاط العقاري بشكل شبه كامل.
وبعد انتصار أكتوبر 1973 ظهرت الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب، وسافر المصريون لدول الخليج والعراق، وتحول حلم المصريين إلى بناء بيت مستقل لكل شاب بعيدا عن أهله، وتآكلت الرقعة الزراعية، ودخلنا مرحلة حرجة مع مشكلة الأمن الغذائي وانتشار العشوائيات، وهنا ظهر الوجه الآخر للمباني الجديدة في المدن والريف.
وجاءت ثورة 30 يونيو 2013 لتقضي على العشوائيات وتحافظ على ما تبقى من الرقعة الزراعية وتستصلح الصحراء، وتطبق ما انتهى إليه العلم في تشييد مدن ذكية بلغ عددها 23 مدينة ذكية، وهنا كانت النقلة النوعية لفكر المجتمع المصري للولوج في مرحلة تنموية جديدة تعتمد على العلم والمنافسة، وساعد ذلك على زيادة نسبة المعمور من مساحة مصر من 7% إلى 14%، ومن المقرر أن تصل هذه النسبة إلى 25% عام 2035.
وتهدف فلسفة مدن الجيل الرابع في مصر، إلى تحقيق التنمية المستدامة وتوفير حياة عصرية للسكان، فلسفتها تستند على التحول الرقمي والتكنولوجيا الذكية مع التركيز على الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية، وتهدف هذه المدن إلى:
تحسين جودة الحياة، توفير فرص العمل، جذب الاستثمار، وحل المشكلات المرتبطة بالكثافة السكانية في المدن التقليدية.
وتعتمد المدن الذكية على شبكات إنترنت فائقة السرعة، ومنصات بيانات مركزية، وأنظمة ذكاء اصطناعي، واستخدام الطاقة المتجددة، وإدارة المياه والنفايات بكفاءة، ووسائل نقل مستدامة وآمنة، وأنظمة مرور تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وخدمات حكومية إلكترونية، ودمج التكنولوجيا في التخطيط الحضري.
وتعمل الدولة المصرية على منع انعزال المدن الذكية عن محيطها بالوسائل التالية:
الربط الجغرافي: إنشاء شبكات نقل متكاملة تربط المدينة الذكية بالمناطق المجاورة.
التكامل الاقتصادي: تعزيز التعاون بين المدينة ومحيطها في المشروعات الاقتصادية.
الشراكة مع المجتمعات: توفير خدمات مشتركة تجمع بين المدن الذكية والمناطق التقليدية.
وتمثل مدن الجيل الرابع مستقبلا واعدا بشرط تحقيق التوازن بين التقنية والإنسانية، مع مراعاة الاستدامة والمحافظة على الهوية الثقافية.
ومع زيادة النمو السكاني والتحديات البيئية أصبحت المدن الذكية ضرورة لتوفير حلول مستدامة لتحسين جودة الحياة، وتعزيز الكفاءة في إدارة الموارد، وتقليل الأثر البيئي.
وبحلول عام 2050 سيعيش 70% من سكان العالم في المدن، ما يجعل إدارة الموارد الحضرية تحديا كبيرا.
هذا، وتساهم المدن الذكية في إنعاش الاقتصاد بفضل تحسين الإنتاجية والاتصالات الفورية وتطوير الأعمال ودعم التجارة الإلكترونية والخدمات الرقمية وتسهيل الوصول إلى الأسواق والخدمات.
وتتمثل أهم المزايا التي تعود على المواطنين بالمدن الذكية في تحسين جودة الحياة بتقديم خدمات صحية وتعليمية متطورة ونظم أمنية متطورة ووسائل نقل منخفضة التكلفة وكفاءة في إدارة الموارد.
وأما عن أهم سبل تحقيق النمو الاقتصادي داخل المدن الذكية فترتكز على:
- الابتكار التكنولوجي: المدن الذكية تجذب الاستثمارات في مجال التكنولوجيا وتوفر بيئة حاضنة للشركات الناشئة.
- الصناعات الإبداعية: دعم المجالات التي تعتمد على الإبداع مثل الإعلام، التصميم، وتكنولوجيا الألعاب.
- التجارة الإلكترونية: تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال منصات رقمية تربط البائعين بالمستهلكين.
ولتعظيم استخدام المعرفة والبحث والإبداع كأدوات للتنمية الاقتصادية لا بد من توافر الأدوات التالية:
- المراكز البحثية: إنشاء مراكز متخصصة لتطوير حلول ذكية تتناسب مع احتياجات المدينة.
- الشراكات الأكاديمية: التعاون مع الجامعات لتطوير مهارات السكان ودعم البحث العلمي.
- الابتكار المفتوح: تشجيع المواطنين والشركات على المساهمة في تصميم حلول محلية.
ومن الجدير بالذكر أن العوامل التي تساهم في زيادة عدد المدن الذكية يمكن حصرها في النقاط التالية:
التقنيات الحديثة: تطور تقنيات مثل 5G، الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء.
التمويل المستدام: الاعتماد على الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
الوعى المجتمعي: تثقيف السكان حول فوائد المدن الذكية وتشجيعهم على المشاركة
وأهم المدن الذكية حول العالم هي سنغافورة التي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لإدارة المرور وتوفير خدمات حكومية عبر الإنترنت.
بعدها برشلونة التي تعتمد على الطاقة الشمسية وإدارة ذكية للنفايات، ثم دبي وهي مدينة متكاملة تعتمد على الذكاء الاصطناعي في النقل والإدارة الحكومية.
والسؤال هو: ما مدى إمكانية تحويل القاهرة والإسكندرية إلى مدن ذكية؟
- القاهرة: يمكن البدء بمشروعات نقل ذكية وتحسين خدمات المياه والكهرباء.
- الإسكندرية: تحويل الكورنيش إلى منطقة صديقة للبيئة باستخدام الطاقة المتجددة وتحسين إدارة الموانئ.
ومما سبق يتضح أن المدن الذكية تعتمد على العلم والتكنولوجيا، وهو ما تم تطبيقه في عصر الفراعنة، وسبقوا العالم، فهل يستطيع أحفاد الفراعنة المساهمة في الثورة التكنولوجية الراهنة، وزيادة عدد المدن الذكية والتأقلم مع نمط الحياة فيها والمنافسة إقليميا ودوليا.
0 تعليق