معرض «مياه صالحة» يستكشف الموضوعات المحورية المرتبطة بالماء

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
معرض «مياه صالحة» يستكشف الموضوعات المحورية المرتبطة بالماء, اليوم الجمعة 30 مايو 2025 05:20 مساءً

تعود المملكة العربية السعودية هذا العام إلى بينالي لندن للتصميم عبر معرض «مياه صالحة» الذي يستطلع ويقوّض ويعيد تصوّر أنظمة الوصول إلى الماء وتوزيعه، إلى جانب علاقتنا به. ويلمّح عنوان المعرض – «مياه صالحة» – إلى تناوله للموضوعات المحورية المرتبطة بالماء والمطروحة على مختلف المستويات، لا سيما ما يتصل بالنُظم المائية وقضايا ندرة الماء وإتاحته للجميع والإنصاف في توزيعه.

بتكليف من هيئة فنون العمارة والتصميم، يُشرف على جناح هذا العام فريق من المصمّمين متعددي التخصصات يضم آلاء طرابزوني وعزيز جمال ودرّ قطان وفهد بن نايف. وتأتي هذه المشاركة بوصفها الخامسة للمملكة في البينالي الذي يقام هذا العام في سومرست هاوس خلال الفترة من 5 إلى 29يونيو 2025.

يأتي الجناح الوطني السعودي في بينالي لندن للتصميم بتنظيممن هيئة فنون العمارة والتصميم، بدعم من وزارة الثقافة، تجسّيداً لالتزام المملكة العربية السعودية بالمشاركة الفاعلة في المشاركات الدولية.

في هذا السياق، صرّحت الرئيس التنفيذي لهيئة فنون العمارة والتصميم، الدكتورة سمية السليمان، قائلةً: "تواصل هيئة فنون العمارة والتصميم التزامها الراسخ برسالتها في دعم المواهب السعودية وتنمية الممارسات الإبداعية المتجذرة محليًا والمنخرطة عالميًا. ويشكل التصميم والعمارة جوهر هذه الرؤية، بوصفهما مجالين يربطان بين أصالة العمارة وحداثة التكنولوجيا، وبين المجتمع والإبداع. وفي بينالي لندن للتصميم الذي يسلط الضوء هذا العام على تفاعل التجارب الداخلية والتأثيرات الخارجية، ومن خلال هذا الجناح، نفخر بدعم الجيل القادم من المعماريين والمصممين السعوديين وتوفير منصات تمكّنهم من إيصال أصواتهم إلى الساحة الدولية".

وعلق أعضاء فريق المصممين – آلاء طرابزوني وعزيز جمال ودرّ قطان وفهد بن نايف –على الجناح بأنه: "يعكس تصميمه طابع سبيل الماء البسيط والهادف للمنفعة. وقد اعتمدنا في تصميمه نهج 'التصميم دون مصمّمين'، متجنّبين الجماليات المصقولة التي تقترحها أساليب التصميم الراقي، مفضّلين عليها الوظائفية المباشرة الواضحة، وذلك من خلال خزانات مياه وبنية تحتية مكشوفة، تدفع الزوّار إلى مواجهة الواقع المادي والميكانيكي الذي يقف خلف ما يبدو أنه مجرّد عملية توزيع بسيطة للماء.الجناح خالٍ من الزخرفة أو التجميل، ومبني وفق مبدأ الضرورة فقط – تمامًا كما شُيّدت سُبل الماء بدافع الحاجة، لا بدافع الطموح المعماري. فسبيل الماء ليس رمزًا للرفاهية والبذخ، بل هو بنية تحتية نفعية".

فمنذ فجر التاريخ، كان للماء دورٌ محوري في نشوء الحضارات وازدهار الاقتصادات وتقدم التقنيات. وفي شبه الجزيرة العربية، شكّلت الندرة عبر العصور المعيار الأساسي للوجود البشري، فجعلت من الماء عاملًا حاسمًا في رسم أنماط الاستيطان ومسارات التجارة. ورغم أن الماء اعتُبر تاريخيًا موردًا مشتركًا مُدارًا بعناية، فإنه بالسعودية في عصرنا الحالي بات سلعةً ذات أبعاد اقتصادية معقدة، في ظل دعم حكومي واسع النطاق يبقي الأسعار منخفضة بشكل مصطنع. وتُعدّ المملكة العربية السعودية أكبر منتج للمياه المحلّاة في العالم، إذ توفّر أكثر من 60٪ من مياه الشرب عبر تقنيات التحلية.

ورغم أهمية الماء بوصفه موردًا محليًا لا غنى عنه، فإنه في الوقت نفسه موردٌ عالمي، بل وقضية عالمية في كثير من السياقات. ونظرًا لما تتطلّبه عملية إنتاجه ونقله من جهد هائل غير مرئي، غالبًا ما يُستخدم الماء بطرق تتناقض مع ندرته، علمًا بأن المياه العذبة لا تشكّل سوى 2,5٪ فقط من إجمالي المياه على سطح الأرض.

يتمحور المعرض حول مفهوم سبيل الماء الذي يوفّر ماء الشرب للمارة مجانًا ويجسّد رمزية الكرم والعطاء والضيافة المتأصّلة في المملكة، وغالبًا ما يُنظر إليها كأمر مسلّم به وكمجرّد خدمة عامة لا أكثر.

يحمل مفهوم سبيل الماء في طيّاته تناقضًا عميقًا: فبينما يوفر الماء مجانًا للناس، إلّا أن هذا الماء في الواقع، ليس مجانيًا على الإطلاق. فكل رشفة منه هي نتاج منظومة معقدة من الجهود وموارد الطاقة والاقتصاديات، حيث إن مياه الشرب تُستخرج عبر سلسلة من العمليات المكلفة، وتُستورد في زجاجات بلاستيكية، أو تُنقل عبر شبكات تتطلب صيانةً ومراقبة دائمة. وتُوزّع هذه التكلفة بين جهات مختلفة من حكومات وشركات وعمّال.

يدعو معرض «مياه صالحة» الجمهور إلى إعادة النظر في مفهوم الماء "المجاني" – لا بوصفه فعلَ سخاء مسلّمًا به فحسب، بل أيضًا كجزء من شبكة معقدة من التكاليف غير المرئية، وذلك من خلال تسليط الضوء على البصمة المائية الخفية في الحياة اليومية، ورسم خارطة للطاقة والموارد اللازمة لإتاحة الماء "المجاني".

يضم المعرض في مركزه سبيل ماء، وستوزَّع على الزوّار عند دخولهم إما زجاجات ماء قابلة لإعادة الاستخدام أو أكواب قابلةللتحلل الحيوي، كُتب عليها نصّ يدفعهم للتفكير في شرب الماء من السبيل أو لا. وتحيط بالسبيل أربع شاشات تعرض مقاطع فيديو مُصوّرة داخل مصنع للمياه في الرياض، تقدم نظرةً عملية بسيطة وواقعية على عملية تحلية المياه. وبهذا، يشجّع المعرض الزوّار على الشرب بوعي، وإعادة التفكير في علاقتهم بالماء بوصفه حقًّا مقدّسًا مشتركًا.

ينعقد بينالي هذا العام تحت شعار "Surface Reflections"، الذي اعتمده المدير الفني للبينالي د. صموئيل روس، داعيًا المشاركين إلى استكشاف كيف يتشكّل التعبير عن الذات من خلال تفاعل التجارب الداخلية مع التأثيرات الخارجية. وتواصل النسخة الخامسة من البينالي إبراز قدرة التصميم في الإسهام ببناء عالم أفضل.

وتماشيًا مع هذا الطرح، يدعو الجناح الوطني السعودي زوّارهإلى التأمل ليس فقط في الفعل المادي المتمثّل في الانتفاع بالماء، بل أيضًا في السرديات الثقافية والتداعيات البيئة والأخلاقية التي ينطوي عليها. ومن خلال التفاعل مع السبيل بوصفه رمزًا للضيافة والكرم، يغادر الزوّار بوعي أعمق وإدراك أوسع لتكاليف الماء الخفية، وإحساسٍ متجدّد بقيمته وندرته.

الجدير بالذكر أن على هامش المشاركة تم إصدار كتاب خاصبالمعرض يتيح للقارئ فهمًا أعمق لمنهجيات التفكير، والبحث، والعمل التعاوني الكامن خلف «مياه صالحة». ويمتد أثر هذا الكتاب إلى ما بعد البينالي في سومرست هاوس، ليخلّد هذه المحطة المفصلية في مسيرة التصميم في المملكة، ويحفّز على التأمل بعد إنتهاء الحدث.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق