منوعات
0

الدوحة - قنا
لم تعد الرياضة في قطر مجرد نشاط تنافسي يقاس بعدد البطولات أو أسماء الفائزين، بل تحولت خلال السنوات الأخيرة، إلى ساحة ثقافية مفتوحة تعكس ملامح الهوية الوطنية، وتؤدي دورا مهما في التبادل الحضاري.
وجاء العام 2025، بزخمه الاستثنائي من البطولات الكبرى، ليجسد هذا التحول بصورة عملية، فمن بطولة كأس العالم تحت 17 سنة FIFA قطر 2025، إلى بطولة كأس العرب FIFA قطر 2025، مرورا ببطولة التنس العالمية وبطولة العالم لكرة الطاولة وبطولة كيو تيرمنلز قطر كلاسيك للإسكواش 2025 للرجال والسيدات، وصولا إلى الفورمولا 1، وبطولة العالم للترايثلون قطر T100، لم يكن المشهد مجرد بطولات مكتظة بالمنافسات، بل سلسلة متكاملة من المنصات الثقافية، صيغت داخل فضاء رياضي.
وخلال بطولات 2025، لم يتوقف حضور الهوية القطرية عند حدود التنظيم، بل بدا ممتدا داخل تفاصيل المشهد البصري والإنساني، عبر الاستادات والمناطق المحيطة بها، من مرافق المشجعين، حتى تحولت كل هذه الأجواء إلى فضاءات تعرض ملامح من التراث القطري وتبرز جوانب الثقافة والتراث في قطر.
وفي هذ السياق، أكد مسؤولون في القطاع الثقافي والرياضي، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن قطر تحولت في العام 2025 إلى عاصمة للرياضة والتواصل الثقافي والحضاري، مشيرين إلى أن استضافة دولة قطر لهذا العدد الكبير من البطولات المتنوعة في عام واحد لم يكن هدفا رياضيا فحسب، بل جزءا من رؤية أوسع توظف الرياضة بوصفها لغة عالمية للتواصل الثقافي، وجسرا لتعريف الشعوب بالهوية القطرية في سياق معاصر ومنفتح.
وقال المسؤولون إن هذه العناصر لم توضع بوصفها حدثا احتفاليا عابرا، بل جاءت ضمن تصور يجعل من كل بطولة تجربة ثقافية متكاملة، بحيث يغادر الزائر وهو يحمل صورة أعمق عن المجتمع القطري، غير قاصر على ذكرى مباراة أو تنافس رياضي، لافتين إلى أن تراكم هذه التجارب على مدار عام، وما سبقه من تنظيم بطولات رياضية كبرى، منح قطر موقعها الحالي بوصفها عاصمة رياضية وثقافية في آن واحد.
وحول دور البطولات الرياضية في إبراز التراث الوطني داخل الاستادات والمرافق المصاحبة، أكد السيد عبدالله الملا مدير متحف قطر الأولمبي والرياضي 1-2-3، أن ذلك يتم من خلال تصميم المرافق التي تعكس الهوية الثقافية لدولة قطر، حيث يتم دمج العناصر المعمارية التقليدية مع الابتكارات الحديثة، كما أن الاستادات ذاتها تظهر الإنجازات الرياضية القطرية عبر معارض تفاعلية تستحضر تاريخ البطولات، وتسلط الضوء على الرياضيين المحليين كرموز فخر واعتزاز.
وأضاف الملا، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية/قنا/، أن الفعاليات الرياضية والثقافية المصاحبة، تعزز من الروح الوطنية وتجمع بين الحماس الرياضي والتراث الغني، كما يعتبر التعليم والتوعية جزءا أساسيا في هذه المرافق، حينما يتم تنظيم برامج تهدف إلى تعزيز الوعي بالتراث الرياضي والثقافي، ما يسهم بدوره في خلق بيئة تنمي الفخر والانتماء في أوساط الأجيال الجديدة.
وأكد السيد عبدالله الملا أن البطولات الرياضية تلعب دورا حيويا في جمع جماهير من مختلف الثقافات وتقديم تجربة معرفية وتراثية متكاملة، وإبراز القيم التي تزيد من أواصر الصداقة بين الشعوب وزرع الروح الرياضية بين الجماهير المختلفة، كما أن استضافة البطولات تدعم أيضا اقتصاد البلد المستضيف، علاوة على تنشيط حركة التجارة في كافة المجالات، ومنها الفنادق والمحال التجارية، ما يعكس محورية هذه البطولات وتعدد أهدافها، وتجاوزها الهدف التقليدي، إلى أهداف أخرى ثقافية واقتصادية.
وحول أهمية الفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة التي تصاحب البطولات الرياضية الكبرى، أكد السيد عبدالله النعمة المدير العام لمتاحف مشيرب، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن الأحداث الرياضية تمثل منصات فعالة وجسورا للتواصل الثقافي الحقيقي.
وقال النعمة:" من هذا المنطلق تعمل متاحف مشيرب كمركز حيوي لإطلاق البرامج والأنشطة المجتمعية التي تهدف إلى تعريف الزوار بهوية قطر وتراثها الثقافي".
وأضاف أن المتاحف تقدم برامج متنوعة تشمل جولات في البيوت التراثية الأربعة، ومعارض مؤقتة، وحملات توعوية، إلى جانب محاضرات فنية وورش عمل تفاعلية، تروى من خلالها قصص التراث الوطني بأسلوب غامر يلامس وجدان الجمهور المحلي والدولي.
وتابع:" إقامة هذه الأنشطة الثقافية في "مشيرب قلب الدوحة"، المدينة الذكية والمستدامة، يبرز كرم الضيافة القطرية وتقاليدنا الاجتماعية، بما يوسع آفاق العروض الثقافية لتتجاوز حدود الملاعب الرياضية إلى الحياة الحضرية، من خلال برامج منسقة بعناية وشراكات مع منظمي الفعاليات، تربط أنشطتنا الفنية والثقافية الجمهور بتقاليدنا العريقة، وتنمي الوعي الثقافي، وتقدم الثقافة والفنون كأدوات فعالة لتعزيز الحوار وتعميق التفاهم".
وأشار المدير العام لمتاحف مشيرب إلى أن الأحداث الرياضية التي تستضيفها دولة قطر تمثل منصات تلاق استثنائية وجسور ربط بين مختلف الثقافات، حيث تجمع الجماهير والزوار من جميع أنحاء العالم، لحضور بطولات رياضية عالمية المستوى، والانطلاق في رحلة تعليمية شاملة يتعرفون خلالها على الثقافة القطرية، من خلال برامج مختارة بعناية وجولات تثقيفية وتجارب غامرة، مشددا على أن هذا المزيج المتكامل يضمن إتاحة تجربة ثرية للزوار تمزج بين شغف الرياضة والفنون والتراث، بما يضمن لدولة قطر مكانة مرموقة كوجهة متميزة للفعاليات الرياضية ومنصة عالمية ثقافية غنية.
وفيما يتعلق بكيفية إبراز البطولات الرموز القطرية والتراث الوطني داخل الاستادات والمرافق المصاحبة، قال السيد عبدالله النعمة إن التراث القطري حاضر في المنشآت الرياضية، وهو جزء من تجربة الزوار خلال الفعاليات الرياضية، إذ أن تصميم الملاعب مستوحى من رموز تراثية أصيلة معروفة مثل أشرعة القوارب الخشبية التقليدية "المحامل"، وبيت الشعر، والقحفية، كما تعرض داخل المنشآت الرياضية أعمال فنية ومعارض رقمية مختارة بعناية تحكي تاريخنا، وقد ظهر ذلك جليا في حفل افتتاح بطولة كأس العرب FIFA قطر 2025، عبر تلك الرسالة الملهمة التي سلطت الضوء على الإرث العربي العريق المشترك في رسالة ملهمة أيضا لكل العالم.
وأضاف أن المحتوى المتحفي للبيوت الأربعة في متاحف مشيرب (بيت بن جلمود وبيت الشركة وبيت الرضواني وبيت محمد بن جاسم) يتيح الفرصة لتعرف الزوار عن كثب على تاريخنا العريق، حيث تتكاتف كل هذه الجهود مجتمعة لتجعل من كل موقع ووجهة منصة لاستكشاف التاريخ والهوية وأيضا منصة حية تتفاعل مع الأحداث الراهنة لتكون جزءا من التاريخ والحاضر والمستقبل.
من جانبه، أكد السيد خالد عبدالرحيم السيد مدير إدارة الفعاليات والشؤون الثقافية في المؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا"، أن المؤسسة تواصل ترسيخ مكانتها كواحدة من أبرز المشاريع الثقافية المتكاملة في الوطن العربي، مشيرا إلى أنها نجحت في تحويل رؤيتها الاستراتيجية إلى واقع ملموس عبر استضافة وتنظيم سلسلة متواصلة من الفعاليات الكبرى على مدار العام، والتي تمزج ببراعة بين الثقافة والفنون والتراث والرياضة.
وقال السيد، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن كتارا تسعى من خلال أنشطتها المتنوعة إلى إبراز الهوية الوطنية القطرية الأصيلة، مع فتح نوافذ واسعة للتبادل الحضاري مع العالم أجمع، لافتا إلى أن "كتارا" لم تعد مجرد وجهة سياحية، بل تحولت إلى داعم لجهود الدولة في الحفاظ على التراث والتقاليد القطرية، تماشيا مع ركائز رؤية قطر الوطنية 2030، إذ تعمل على التوعية بأهمية التنوع الثقافي عبر استضافة المهرجانات وورش العمل والمعارض العالمية والإقليمية والمحلية.
وأضاف أن "كتارا" أصبحت الحاضنة الأكبر للمبدعين العرب من خلال إطلاقها حزمة من الجوائز الأضخم من نوعها على مستوى المنطقة، والتي تهدف إلى تشجيع المعرفة وحفظ الهوية، وتتصدر هذه المبادرات جائزة "كتارا" للرواية العربية، التي باتت المحطة الأبرز عالميا للروائيين والنقاد، لتصبح "كتارا" مدينة الرواية العربية، إلى جانب جائزة "كتارا" لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، التي تعيد للشعر العربي ألقه ومكانته في مدح خير البرية.
وأشار إلى أن اهتمام "كتارا" يمتد ليغطي جماليات الصوت في تلاوة القرآن الكريم عبر جائزة "كتارا" لتلاوة القرآن الكريم التي تحتفي بأصحاب الأصوات العذبة والتلاوات الخاشعة، فضلا عن جوائزها المتخصصة في الشعر العربي، ودورها الريادي في خدمة التراث عبر جوائز ومراكز تعنى بتحقيق المخطوطات ونشرها، ما يجعل من الحي الثقافي حصنا منيعا للغة الضاد وكنوزها المعرفية، ومنبرا يعلي من شأن الكلمة والفن الرفيع.
وسلط السيد خالد عبدالرحيم السيد مدير إدارة الفعاليات والشؤون الثقافية في المؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا" الضوء على البطولات التراثية التي تعد "كتارا" الحاضن الرئيسي لها، مشيرا إلى أن هذه الفعاليات تعيد استحضار حياة الأولين في البر والبحر. وقال:" من أبرز الأحداث السنوية التي نفخر بها، بطولة القلايل، التي يتابع الجمهور خلالها على مدار شهر كامل تنافس أبناء قطر وأشقائهم من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في بيئة صحراوية، معتمدين على الصيد التقليدي بالصقور والسلقان والمطايا، في تجسيد حي لصلابة وقوة حياة الأجداد".
وأشار إلى مهرجان قطر الدولي للصقور والصيد "مرمي" الذي يستعد لدورته السابعة عشرة مطلع العام المقبل في صبخة مرمي بسيلين، واصفا المهرجان بأنه "بات علامة فارقة تجمع الصقارين من الخليج والعالم العربي، وساهمت "كتارا" من خلاله في تقنين هذه الرياضة التراثية بقوانين رائدة عالميا".
وعن التراث البحري، لفت السيد إلى مسابقة سنيار، التي تحاكي رحلات الغوص والصيد القديمة، حيث يتبارى المشاركون في بطولتي "الحداق" و"اللفاح" من الفجر حتى الغروب، وفق قواعد دقيقة تراعي الاستدامة البيئية وأنواع الأسماك، مستخدمين أدوات تقليدية تعيد إلى الواجهة روح البحر والموروث القطري الأصيل.
وفي إطار تعزيز مكانة الخيل العربية، نوه مدير إدارة الفعاليات والشؤون الثقافية بتنظيم مهرجان "كتارا" الدولي للخيول العربية الأصيلة، الذي يعد من أهم الفعاليات العالمية في مجال جمال الخيل، موضحا أن المهرجان يهدف إلى إظهار الموروث الثقافي بشكل حديث وراق، لتصبح "كتارا" مدينة المورث الثقافي للخيل العربية، مؤكدا ريادة قطر في امتلاك أعرق سلالات الخيول العربية.
وأشار مدير إدارة الفعاليات والشؤون الثقافية في "كتارا"، في ختام تصريحاته لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إلى التمازج الفريد بين الفن والرياضة في أروقة المؤسسة العامة للحي الثقافي، حيث تنظم "كتارا" فعاليات فنية تشكيلية وجداريات تحتفي بالرياضة، كما حدث خلال بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، مع وجود "معرض إرث بطولة كأس العالم"، إضافة إلى بطولات كرة القدم والطائرة الشاطئية وفعاليات اليوم الرياضي للدولة.
ويلعب ميناء الدوحة القديم دورا بارزا في التعريف بالهوية القطرية من خلال استضافة العديد من الفعاليات والأنشطة المتنوعة التي تسلط الضوء على الموروث القطري العريق، لا سيما وأنها تجمع بين الأنشطة الرياضية والممارسات التقليدية بطريقة هادفة وفعالة، إذ يسهم كل من معرض ومسابقة الصيد البحري في الحفاظ على الممارسات البحرية التقليدية ومنح الزوار تجربة استثنائية للاطلاع على المهارات والأدوات التي صاغت علاقة دولة قطر بالبحر.
ونوهت إدارة ميناء الدوحة القديم ببطولة العالم لجمال الخيل العربية الأصيلة التي تستعرض أحد أبرز الرموز التراثية للبلاد، وذلك ضمن وجهة بحرية مميزة مستوحاة من تصاميم المدن الساحلية التاريخية، ما يعزز الترابط الوثيق بين موروث رياضة الفروسية والهوية الوطنية.
وأشارت كذلك إلى فعالية بولو المرسى، التي تستعرض تقاليد الفروسية المتجذرة في المنطقة ضمن بيئة حديثة ومعاصرة تعكس الخصوصيات القطرية، مضيفة أن ميناء الدوحة القديم يتعاون مع مركز "نوماس" ليتيح للشباب القطري المشاركة في ورش عمل وأنشطة شعبية بهدف إطلاعهم على العادات والتقاليد القطرية، ومن خلال إدماج هذه الأبعاد الثقافية مباشرة في التجارب المتنوعة التي يقدمها ميناء الدوحة القديم، عبر توظيف الهندسة المعمارية والبرمجة والمشاركة المجتمعية، تتحول كل البطولات والفعاليات الرياضية إلى منصة تحتفي بالهوية الوطنية والموروث القطري وتعزز سبل التبادل الثقافي مع الزوار من جميع أنحاء العالم.
وتمنح البطولات التي يستضيفها ميناء الدوحة القديم الجمهور تجارب استثنائية للاطلاع على الهوية قطرية، فعندما يجتمع الزوار لحضور فعاليات مثل بطولات الفروسية والرياضات البحرية، فإنهم يزورون كذلك المساحات التراثية، ويطلعون على تصاميم الهندسة المعمارية والسمات البحرية التي تعكس مدى تميز الموروث الساحلي لدولة قطر.
كما يسهم ميناء الدوحة القديم في ترسيخ الدور البارز لدولة قطر على خارطة الفعاليات الرياضية العالمية، ويعزز مكانة الدوحة باعتبارها عاصمة ثقافية تتيح للزوار الدوليين الاستمتاع بالفعاليات الرياضية والتعرف على إرث البلاد في وجهة واحدة ومتكاملة.
وتمثل رزنامة الفعاليات في ميناء الدوحة القديم إحدى الركائز الأساسية في استعراض الموروث البحري العريق لدولة قطر، وتعزيز هويتها الثقافية، وترسيخ رؤيتها السياحية، وتؤدي كل فعالية يستضيفها دورا محوريا، سواء في دعم مكانة دولة قطر على الخارطة العالمية، أو في الاحتفاء بالعادات والتقاليد القطرية الأصيلة، أو في إثراء التفاعل المجتمعي من خلال تجارب متكاملة تحتفي بالإرث القطري.
وجسد استضافة ميناء الدوحة القديم بطولة العالم لجمال الخيل العربية الأصيلة 2025 - أبطال جولة الجياد، إحدى أبرز البطولات العالمية في مجال الفروسية، مدى عمق ارتباط دولة قطر برياضة الفروسية، ضمن أجواء راقية ومنافسات معترف بها دوليا، وذلك على امتداد كورنيش المينا.
وخلال بطولة كأس العرب FIFA قطر 2025، استضاف ميناء الدوحة القديم سلسلة من الفعاليات، جمعت بين الأجواء التشويقية للبطولة والفعاليات السياحية والبحرية، واستقبلت الزوار من جميع أنحاء المنطقة لاختبار تجارب مميزة على امتداد الواجهة البحرية.
وتعكس جميع هذه الفعاليات وغيرها من البطولات والمنافسات الرياضية والتراثية التي أقيمت على مدار العام في الدوحة كيف أخرجت دولة قطر البطولات والفعاليات الكبرى من كونها لقاءات للتنافس إلى ساحات للتواصل الثقافي والحضاري بين مختلف الشعوب حول العالم، فضلا عن الدور البارز لهذه الفعاليات في التعريف بالهوية الوطنية والتراث القطري الأصيل.
اقرأ المزيد
مساحة إعلانية











0 تعليق