أكَّد مسؤول أمريكي، ومصدر مطلع، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب أعدَّت عقوبات إضافية قد تلجأ إليها، لاستهداف قطاعات رئيسية في الاقتصاد الروسي إذا واصل الرئيس فلاديمير بوتين المماطلة في إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وقال المصدران: إن مسؤولين أمريكيين أبلغوا نظراءهم الأوروبيين أيضاً بأنهم يؤيدون استخدام الاتحاد الأوروبي للأصول الروسية المجمدة لشراء أسلحة أمريكية لكييف، كما أجرت واشنطن محادثات داخلية أولية حول الاستفادة من الأصول الروسية الموجودة في الولايات المتحدة لدعم المجهود الحربي لأوكرانيا.
وفي حين لم يتضح ما إذا كانت واشنطن ستنفذ أيّاً من هذه التحركات في الأمد القريب، فإن ذلك يظهر أن هناك مجموعة أدوات متطورة لدى الإدارة لممارسة المزيد من الضغوط، بعد أن فرض ترامب عقوبات على روسيا الأربعاء الماضي للمرة الأولى منذ عودته إلى منصبه في يناير/كانون الثاني.
ويصوِّر ترامب نفسه كصانع سلام عالمي، لكنه أقرَّ بأن محاولة إنهاء الحرب الروسية المستمرة، منذ أكثر من ثلاث سنوات في أوكرانيا أصعب مما كان يتوقع. ويأمل الحلفاء الأوروبيون أن يواصل ترامب زيادة الضغوط على موسكو، ويدرسون كذلك اتخاذ إجراءات كبرى من ناحيتهم. ويعانون مواقف ترامب المتقلبة تجاه بوتين بين التساهل والغضب.
وأفاد مسؤول أمريكي كبير، بأن ترامب يود أن يتخذ الحلفاء الأوروبيون الخطوة الكبرى التالية ضد روسيا، والتي قد تكون عقوبات أو رسوماً جمركية إضافية.
وقال مصدر مطلع: إن ترامب سيعلق على الأرجح أي قرار لبضعة أسابيع ليستطلع رد فعل روسيا على عقوبات الأسبوع الماضي.
واستهدفت تلك العقوبات شركتي النفط «لوك أويل» و«روسنفت». وتسببت هذه الإجراءات في صعود أسعار النفط بأكثر من دولارين، ودفعت مشترين كباراً للخام الروسي في الصين والهند إلى البحث عن بدائل.
* قطاع البنوك والبنية التحتية النفطية
قال مسؤول أمريكي: إن بعض العقوبات الإضافية التي أعدتها الولايات المتحدة تستهدف القطاع المصرفي الروسي والبنية الأساسية المستخدمة في نقل النفط إلى السوق.
وطرح المسؤولون الأوكرانيون هذا الشهر على الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة، وفقاً لمصدر مطلع على تلك المحادثات.
ومن بين الأفكار المحددة المطروحة إجراءات لفصل البنوك الروسية عن النظام القائم على الدولار المعمول به في البنوك الأمريكية ومع ذلك، لم يتضح بعد مدى جدية دراسة الطلبات التي قدمتها أوكرانيا.
ويتخذ مجلس الشيوخ الأمريكي خطوات أيضاً، حيث جدد مشرعون الضغط لإقرار مشروع قانون العقوبات الذي طال انتظاره والمشترك بين الحزبين وقال المصدر المطلع على آليات الإدارة الداخلية: إن ترامب منفتح على تأييد تلك الحزمة. لكن المصدر استبعد إقرارها هذا الشهر.
وقال كيريل دميترييف المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين للاستثمار والتعاون الاقتصادي الجمعة: إنه يعتقد أن بلاده والولايات المتحدة وأوكرانيا تقترب جميعها من حل دبلوماسي، لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا.
وعبرت هالينا يوسيبيوك المتحدثة باسم السفارة الأوكرانية في واشنطن عن تقديرها لقرار العقوبات الأخير.
وكتبت يوسيبيوك في رسالة بريد إلكتروني: «تفكيك آلة الحرب الروسية هو السبيل الأكثر إنسانية لإنهاء الحرب».
* أسبوع من الصدمات
وختم قرار ترامب بفرض عقوبات على روسيا أسبوعاً مضطرباً في ما يتعلق بسياسة الإدارة تجاه أوكرانيا، إذ تحدث ترامب مع بوتين يوم 16 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ثم أعلن بعدها أنهما يخططان للقاء في بودابست، وهو ما كان مفاجئاً لأوكرانيا.
في اليوم التالي، التقى ترامب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في واشنطن، حيث ضغط المسؤولون الأمريكيون على زيلينسكي للتخلي عن مساحات في منطقة دونباس، في إطار اتفاق لتبادل الأراضي بهدف إنهاء الحرب.
ورفض زيلينسكي المقترح، وغادر ترامب الاجتماع بموقف يدعو إلى تجميد الصراع على الوضع الحالي للخطوط الأمامية.
وفي مطلع الأسبوع الماضي، أرسلت روسيا مذكرة دبلوماسية إلى واشنطن تُعيد تأكيد شروط السلام السابقة. وبعد بضعة أيام، أعلن ترامب إلغاء الاجتماع المُخطط له مع بوتين قائلاً: «لم أشعر بأنه مناسب لي».
وقال دميترييف في حديث لـ«سي.إن.إن» الجمعة، بعد وصوله إلى واشنطن لإجراء محادثات مع مسؤولين أمريكيين: إن الاجتماع بين ترامب وبوتين لم يُلغ، وإن من المرجح أن يجتمع الزعيمان لاحقاً.
وقال المسؤولان الأمريكيان في أحاديث خاصة: إن سعي ترامب للقاء بوتين كان على الأرجح نتيجة حماسة مفرطة وأضافا أن ترامب بعد إبرامه وقف إطلاق النار في غزة بالغ في تقدير قدرته على استغلال زخم إنجاز دبلوماسي واحد للتوسط في إنجاز آخر.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض: إن ترامب قرر في نهاية المطاف فرض عقوبات على روسيا خلال اجتماع الأربعاء، مع وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير الخارجية ماركو روبيو.
* ضغط أمريكا على أوروبا
خلف الكواليس، حصلت أوكرانيا على دعم أمريكي بعد نقل عملية الموافقة الأمريكية على توفير بيانات لكييف، لاستهداف عمق روسيا بضربات بعيدة المدى من البنتاجون إلى القيادة الأمريكية الأوروبية في ألمانيا، وذلك وفقاً لمسؤولين، لكن ترامب قال: إنه ما زال غير مستعد لتزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك بعيدة المدى.
وتضغط واشنطن أيضاً على أوروبا لتضييق الخناق على موسكو مالياً. وخلال إعلان العقوبات الأمريكية، حثّ بيسنت بروكسل على اتخاذ خطوات مماثلة وعامة انتقد مسؤولون أمريكيون الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي لعدم اتخاذ خطوات أكثر حزماً لمواجهة روسيا.
لكن مسؤولاً في الاتحاد الأوروبي قال: إن فرض عقوبات شاملة على شركة «لوك أويل» ليس سهلاً كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة، نظراً لتشابك مصالح الشركة الوثيق مع الاقتصاد الأوروبي.
ولدى الشركة مصافي تكرير في بلغاريا ورومانيا، وتمتلك شبكة قوية من محطات بيع الوقود بالتجزئة في القارة.
وقال المسؤول الأوروبي: «أعتقد أننا بحاجة إلى إيجاد طريقة لفك الارتباط.. قبل أن نتمكن من فرض عقوبات شاملة».


















0 تعليق